لإجابة سؤال هل التمر يرفع السكر التراكمي نحن بحاجة أولاً إلى التعرف على ماهية الاثنين: السكر التراكمي والتمر، حتى نتمكن من التعرف على طبيعة العلاقة بينهما، وما هي الأسباب التي من الممكن أن تؤدي إلى زيادة السكر التراكمي حتى يمكن تجنبها.
لذلك سنحرص في هذا المقال على تعريف السكر التراكمي وما هي الأشياء التي تتسبب في ارتفاعه بشكل عام، وهل التمر يرفع السكر التراكمي بالفعل أم لا. وكذلك إجابة الأسئلة الهامة المتعلقة باستهلاك التمر لمرضى السكري، مثل: كم حبة تمر لمرضى السكر – هل السكر الموجود في التمر مضر – ما هو التمر الذي لا يرفع السكر – هل التمر يرفع السكر للحامل – هل تمر الخلاص يرفع السكر – الفرق بين سكر التمر والسكر الأبيض، وغيرها من الأسئلة والاستفسارات الأخرى.
هو أحد التحاليل التي يتم إجراؤها لأجل الكشف عن مرض السكر. يُطلق عليه كذلك تحليل HbA1c أو تحليل الهيموجلوبين السكري. فما هو الهيموجلوبين السكري؟ عندما ترتفع مستويات السكر في الدم يتحد الجلوكوز بالهيموجلوبين والبروتين المكون لخلايا الدم الحمراء ليكون الهيموجلوبين السكري أو ما يُطلق عليه الهيموجلوبين الغليكوزيلاتي Glycosylated Hemoglobin وهو المركب الذي يتم البحث عنه وقياسه لتحديد ما إذا كان الشخص الذي يُجرى له التحليل مريضًا بالسكر أم لا، أو على الأقل يخبره إلى أي مدى هو قريب من الإصابة بمرض السكري.
وسُمِّيَ "تراكمي" لأن عمر خلايا الدم الحمراء هو 3 شهور وبعدها تتجدد، ولهذا يعتبر تحليل السكر الذي يتم بهذه الطريقة لقياس مستوى الهيموجلوبين السكري عبارة عن نتيجة تراكمية لنسبة السكر في الدم لآخر 3 شهور لحظة القياس.
يتم عمل تحليل السكر التراكمي عن طريق أخذ عينة دم من الشخص، والكشف عن نسبة الهيموجلوبين السكري فيها. وتكون دلالات النتيجة على النحو التالي:
- (4 – 5) فهذا معناه أن هذا الشخص غير مصاب بداء السكري
- (6) هذا الشخص مهدد ومعرض للإصابة في أي وقت، ويجب الحذر مما يتناوله
- (7) هذا الشخص مصاب بداء السكري ويجب أن يبدأ خطة علاج
- (8+) هذا الشخص مصاب بداء السكري ولا يتحكم في مستوياته
وبما أن الهيموجلوبين يتجدد في الدم تلقائيًا خلال 3 شهور، فلا داعي لتكرار عمل تحليل السكر خلال تلك الشهور الثلاثة، لأن النتيجة ستظهر كما هي في الغالب. وإنما يفضل أن يتم عمله كل 3 شهور أو إذا كانت الحالة مستقرة يُفضل عمله كل 6 شهور.
ولا يشترط في عمل اختبار السكر التراكمي أن يكون المريض صائمًا أو مفطرًا. فيمكن عمله في أي وقت من ليل أو نهار، صائم أو مفطر.
قد يبدو هذا السؤال ساذجًا قليلاً – أو حتى كثيرًا – فمن منا لا يعرف ما هو التمر!
وحتى لا تكون الإجابة نمطية أو مملة، سنحاول أن نخبرك بما لا تعرفه فعلاً عن التمر في هذه الجزئية، ثم نتحدث عن علاقته بمرض السكري وهل التمر يرفع السكر التراكمي أم لا.
التمر هو أحد أقدم الفواكه المعروفة في العالم. تعرفه جزيرة العرب كغذاء وكفاكهة للمجالس منذ آلاف السنين. وكان هو الرفيق الدائم للرحالة العرب في السفر بسبب طبيعته الجافة التي تسمح له بالمكوث (التخزين) فترة طويلة من الزمن بدون تلف على خلاف معظم الأطعمة. ونقصد به بالطبع التمر الجاف في آخر مراحل نضجه، وليس البلح الطازج.
يوجد أكثر من 2000 نوع من التمر في جميع أنحاء العالم. تعرف الجزيرة العربية منهم نحو 400 نوع. ويشتهر في الأسواق عدة أنواع لا تتجاوز العشرة ولكنها تكتسح الأسواق وتنتشر بشكل كبير جدًا حتى لا يكاد يخلو منها بيت عربي. ومن هذه الأنواع السكري، الخلاص، الصعقي، البرحي، العجوة، العنبرة، المجدول، المكتومي، الخضري، وغيرهم.
يختلف كل نوع عن الآخر من التمر في شكله وطعمه، ولكنهم يتفقون جميعًا على ارتفاع نسبة السعرات الحرارية فيهم. فكل 100 غرام من التمر تقدم 270 – 300 سعر حراري. قد تزيد عن ذلك في بعض الأحيان، وقد تقل عن ذلك في أحيان أخرى نادرة.
لإجابة هذا السؤال نحن في حاجة أولاً إلى معرفة ما إذا كان التمر يرفع السكر العادي أم لا. وهذا سيقودنا إلى إجابة سؤال شديدة الأهمية: هل السكر الموجود في التمر مضر؟
يحتوي التمر في تركيبته على أكثر من 60% سكريات صافية (فركتوز – جلوكوز – سكروز). وتختلف أنواع التمر في مسألة زيادة السكر في الدم حسب النوع. فيأتي السكري كأحد أعلى أنواع التمر في نسبة السكر لاحتوائه على السكروز بنسبة أكثر من 35% من تركيبته. والسكروز هو نوع السكر الذي يرفع نسبة سكر الدم، ولذلك فهو يُعد أحد أهم الأنواع التي يجب الحذر منها لمرضى السكري حتى لا يرفع لديهم نسبة السكر في الدم، أو يؤدي إلى مضاعفات خطيرة.
هناك أنواع عديدة لا تحتوي على هذه النسبة المرتفعة من السكروز، بل بعضها لا يوجد به سكروز على الإطلاق مثل الخلاص (نوع التمر الأمثل لمرضى السكري).
ولكن، بافتراض أن التمر ممكن أن يتناوله مريض السكري. وبافتراض أن تمر الخلاص هو النوع الأفضل له في هذه الحالة، فما هو عدد حبات التمر التي يُباح له تناولها بدون خطورة حقيقية على صحته؟
الاعتدال مطلوب في جميع الأحوال. وعلى الرغم من أن تمر الخلاص لا يرفع نسبة السكر في الدم، إلا أنه لا ينبغي أبدًا المبالغة في تناوله، لاحتوائه على سكريات تتحول – مع كثرة الكمية – إلى دهون في الجسم، وهذا يؤذي مريض السكري من ناحية أخرى. هذا بخلاف أن الإنسان – سواء أكان مريضًا بالسكري أم لا – لا يحتاج فعليًا إلى أكثر من 5 حبات تمر في اليوم.
فتناول عدد 3 – 5 حبات تمر كافي للغاية لمد الجسم بنحو 20% من الألياف التي تحتاجها الأمعاء لعملية هضم سلسة بعيدًا عن الشعور بالإمساك.
هناك أنواع عديدة من التمر لا ترفع سكر الدم لمريض السكري، ومن ضمنها بالطبع تمر الخلاص. ولكن هناك أنواع أخرى مثل تمر بو معان وتمر الدباس. ولكن تمر الخلاص يعتبر أشهرهم لخلوه تمامًا من السكروز، ولذلك يكثر السؤال عنه تحديدًا، فيما يتعلق بتناوله لمرضى السكري.
مرة أخرى، الاعتدال في كل شيء مطلوب (وهو ما سنناقشه بشأن هل التمر يرفع السكر التراكمي بعد قليل). فعند تناول الحامل للتمر بشكل يومي وبكميات ضخمة، فبالتأكيد سيرفع نسبة السكر لديها. ولكن عند تناول التمر بكميات معتدلة (3 – 7 حبات تمر في اليوم)، وألا يتم تناول التمر كل يوم، فهذا أفضل بالتأكيد.
ملاحظة أخرى بشأن الحامل والتمر. عند تناول التمرة بكثرة – وبالأخص في أسابيع الحمل الأخيرة – قد يحدث زيادة في وزن المولود، وهذا بالتأكيد ليس في صالح الأم، سواء من ناحية الوزن أو من ناحية الولادة الطبيعية.
السكر الأبيض معروف بسعراته العالية. وهو سكر السكروز الذي يتم استخلاصه من قصب السكر وبنجر السكر. وتبلغ كمية السعرات في 100 غرام من السكر الأبيض 387 سعر حراري. وهو غير مناسب لمرضى السكري لأنه سيرفع نسبة سكر الدم لديهم. ويجب على مريض السكري البحث عن بدائل آمنة. فهل يُعد سكر التمر بديل آمن؟
سكر التمر هو نفسه التمر ولكن بعد معالجة خاصة حتى يصبح في شكل بودرة سكرية يمكن عيارها بالملعقة. ولكنه هو هو في نفس عدد السعرات (كل 100 غرام تعطي 270 سعر حراري)، وهو هو في احتوائه على الألياف الغذائية المفيدة للجسم. ولذلك يجب على مريض السكر تناوله بحذر حتى لا يرفع لديه نسبة السكر في الدم.
بعد فهمك لكيفية عمل تحليل السكر التراكمي وعلاقته بمستوى الهيموجلوبين السكري، اتضح لديك الآن أن الأمر مرتبط بارتفاع السكر في الدم لفترة طويلة ومتصلة من الزمن.
أي أن إجابة سؤال هل التمر يرفع السكر التراكمي يجب أن يسبقه أسئلة أهم: هل من سيجري التحليل يأكل التمر بشكل يومي؟ وهل يأكل التمر بكميات معتدلة أم مبالغ فيها؟
فإذا كان الشخص يأكل التمر بشكل يومي، فهذا معناه أن نسبة السكر العام في الجسم (التراكمي) ستزيد مع الوقت. أما إذا أكله مثلا مرة واحدة في الأسبوع أو مرة كل أسبوعين أو مرة في مناسبة ما، فلن يتأثر السكر التراكمي، لأن نسبة السكر في الدم لم ترتفع بشكل ملحوظ بسبب تناول التمر. فإذا أكل شخص ما التمر في يوم كان صائم فيه وانقضى هذا اليوم ولم يأكل التمر مرة أخرى، فلن يرتفع لديه السكر التراكمي (لاحظ: لن يرتفع بسبب التمر ولكنه قد يرتفع لأسباب أخرى بعيدة التمر، ولكن موضوعنا هنا: هل التمر يرفع السكر التراكمي).
لإجابة سؤال: هل التمر يرفع السكر التراكمي ينبغي أن نعلم أولاً: هل التمر جزء أساسي من النظام الغذائي للشخص الذي سيجري التحليل، بمعنى: هل يأكل التمر كل يوم؟ فإذا كانت الإجابة (نعم) فإن المواظبة على أكل التمر كل يوم سترفع نسبة السكر التراكمي. أما إذا كان تناول التمر حدث عارض مرة في الأسبوع أو كل أسبوعين، فلن يؤثر ذلك على نتيجة تحليل السكر التراكمي. ولكن قد يتأثر التحليل بأغذية أخرى ترفع سكر الدم غير التمر. ولكن بشكل عام، كثرة المداومة على أكل التمر ترفع من نسبة السكر التراكمي.
للطلب أونلاين من خلال موقعنا الألكتروني