عندما تسمع جملة مثل "السعودية أكبر منتج في العالم للتمر" فغالبًا ستكون من نوعية الناس التي تحب الأرقام، وإحصاءات إنتاج التمور في العالم. أليس كذلك؟ إذا كنت كذلك بالفعل، فهذا المقال تم كتابته خصيصًا لك.
ففي هذا المقال لن نتحدث عن السعودية أكبر منتج في العالم للتمر أو حجم إنتاج التمور في السعودية فحسب، ولكننا سنحاول تغطية إنتاج التمور في العالم أجمع. سنحصل بالأرقام على أكبر مصدر للتمور في العالم، أو ترتيب تصدير التمور في العالم. ولأصحاب التميز ربما نذكر ترتيب أجود أنواع التمور في العالم وإن كان عليها خلاف كبير.
الخلاصة: هذا المقال سيكون ممتعًا للغاية لأهل الإحصاء.
لنبدأ...
قبل التصريح بأن السعودية أكبر منتج في العالم للتمر نحن في حاجة إلى مراقبة الإحصاءات العالمية في صناعة التمر أولاً. فنحن نتحدث عن أكثر من مليون هكتار (1.09 هكتار تحديدًا) من المساحة في زراعة التمر. هذه هي المساحة العالمية لصناعة التمر. (الهكتار = 10,000 متر مربع)
تستحوذ الشرق الأوسط على غالبية هذه المساحة من العالم بنسبة اكتساح تقدر بـ 99.2% من المساحة الإجمالية (55.8% للمنطقة الأسيوية، و43.4% للمنطقة الأفريقية). إذًا، قارة آسيا هي الأولى عالميًا في المساحة، ومن ثم فهي الأولى عالميًا في حجم الإنتاج كقارة. وتتصدر المملكة العربية السعودية القارة الآسيوية في إنتاج التمر.
ينتج العالم ما يقترب من 10 مليون طن سنويًا من التمر (9.8 مليون طن تحديدًا). وبالطبع تستحوذ المنطقة العربية على معظم هذه النسبة بشكل حصري.
أصدرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة تقريرها عن إنتاج التمور في العالم لعام 2021 وكان يحوي الكثير من الأرقام المتميزة التي تحتاج إلى وقفة.
فجاءت مصر على رأس أكبر منتج للتمور في العالم بما يقترب من 1.7 مليون طن سنويًا. تليها مباشرة المملكة العربية السعودية بما يزيد عن 1.6 مليون طن سنويًا من أفخم أنواع التمور عالميًا. تليها مباشرة إيران بنحو 1.3 مليون طن سنويًا. ثم الجزائر بما يفوق 1.2 مليون طن سنويًا، تليها العراق بنحو 0.8 مليون طن سنويًا. ثم بقية الدول بنسب مختلفة.
ترتيب إنتاج وتصدير التمور في العالم حسب تقرير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة:
- مصر: 1.7 مليون طن
- المملكة العربية السعودية: 1.6 مليون طن
- إيران: 1.3 مليون طن
- الجزائر: 1.2 مليون طن
- العراق: 0.8 مليون طن
- باكستان: 0.5 مليون طن
- السودان: 0.5 مليون طن
- سلطنة عمان: 0.4 مليون طن
- الإمارات العربية المتحدة: 0.4 مليون طن
- تونس: 0.4 مليون طن
- ليبيا: 0.2 مليون طن
- الصين: 0.2 مليون طن
- المغرب: 0.2 مليون طن
- الكويت: 0.1 مليون طن
- تركيا: 0.08 مليون طن
- باقي الدول: 0.4 مليون طن
الآن السعودية أكبر منتج في العالم للتمر في آسيا وما حولها من دول بحر العرب والمحيط الهادي. فهي المصدر الأول إلى تلك الدول من شحنات التمر الأكثر فخامة وتميزًا على الإطلاق.
فقد أضاف تقرير المنظمة أن الشرق الأدنى هو أكبر سوق للتمور في العالم (المملكة العربية السعودية)، بينما منطقة آسيا والمحيط الهادي تعتبر المنطقة الأسرع نموًا. وتأتي السعودية في المركز الأول بين بلدان مجلس التعاون الخليجي في الإنتاج العالمي، حيث يساهم المجلس بنحو 21% من الإنتاج العالمي للتمور، تستحوذ المملكة على 9.24% من هذه النسبة وحدها.
أما من حيث عدد النخيل، فعلى الرغم من أن مصر تضم أكثر من 22 مليون نخلة تسمح لها بهذا الإنتاج الغزير والضخم، إلا أن عدد النخيل في السعودية يصل إلى أكثر من 31 مليون نخلة من أجود أنواع التمور في العالم.
كذلك تتفوق المملكة على مصر في تقنيات الجمع والحصاد والتخزين التي تقلل نسبة الفاقد إلى الحد الأدنى، بينما في مصر يصل حجم الفاقد السنوي من التمور إلى 19% بسبب ضعف التنسيق بين خريطتي الإنتاج والتسويق، وبالطبع سوء الجمع والتخزين الذي يؤدي في النهاية إلى هذه النتيجة الفادحة في حجم الفاقد السنوي. هذا على الرغم من أن النخلة في مصر تنتج كمية ضخمة من التمر تصل في بعض الأحيان إلى 50 كجم للنخلة الواحدة.
ولأن المملكة حازت على الريادة المحلية والإقليمية، فهي تتطلع بشدة إلى الريادة العالمية من خلال توسعة حجم الإنتاج المحلي من التمور، وبالأخص أنها تتفوق على مصر في التصدير وفي عدد الدول التي تتعامل معها. فبينما تصدر مصر التمور إلى 63 دولة فقط، يصل عدد الدول التي تصدر إليها المملكة العربية السعودية إلى 107 دولة حول العالم.
نأتي هنا للخلاف الجوهري الذي دائمًا ما يثير الجدل أكثر من حديثنا عن أن السعودية أكبر منتج في العالم للتمر، وهو: ما هي أجود أنواع التمور في العالم؟
هنا تهب كل الشعوب لتصرخ بأن التمر الذي تنتجه على أرضها من نوع كذا هو التمر الأجود والأفضل على مستوى العالم. وبالمناسبة، كل شعب له حقه في هذا الادّعاء. بل عندما تقوم بتجربة هذا النوع من التمر بنفسك – الذي يدّعون أنه الأفضل – تظن بالفعل أنه لا يوجد أفضل من هذا النوع في العالم، لأنك ذقت بالفعل أطيب أنواع التمور قاطبةً.
فإذا كنت من أبناء المملكة فلعلك تسمع عن السكري أنه ملك التمور. بينما إذا قمت بعمل بحث بمصطلح "ملك التمور" نفسه سيظهر لك في النتيجة الأولى التمر المجدول. ثم يأتي حديث النبي ليضع تمر عجوة المدينة على رأس أنواع التمور في العالم، عندما يخبرنا أنه من تصبَّح بسبع حبات من تمر عجوة المدينة لم يضره سم ولا سحر. وإذا نظرت إلى التمر الصقعي فأنت على لقاء مع أحد أجمل أنواع التمور شكلاً وطعمًا. فهو نوع التمر الذي يُقال عنه: العين تأكل قبل الفم. فالتمر الصقعي يبهرك بشكله الاستثنائي وألوانه المبهرة الجذابة، قبل أن يأسرك طعمه الذي لن تنساه.
أما عندما ننطلق إلى الغرب قليلًا فسنجد أن أهل تونس الخضراء يتحدثون بشغف عن نوع من التمر يُسمى "دقلة نور" وأنه أجود أنواع التمور في العالم. فإذا عدنا إلى عراق الخير، فسنجدهم يتحدثون عن نوع نادر من التمر يُدعى القرنفلي، لونه أزرق غامق، غريب اللون، غريب الطعم، ولكنه لا يُنسى، ويقترب في ندرته من الألماظ بين أنواع التمور.
بينما إذا ذهبت إلى مصر – الدولة الأولى في إنتاج التمر عالميًا – فستجد أن المجدول هو ملك التمور لدى المصريين، ويتعاملون معه معاملة الملوك بالفعل، في الزراعة والحصاد والتغليف والتسويق.
الخلاصة، من الصعب للغاية معرفة أجود أنواع التمور عالميًا أو حتى عمل ترتيب لأجود أنواع التمور للوصول إلى هذه المرتبة. نعم .. السعودية أكبر منتج في العالم للتمر حسب عدد النخيل وحسب التصدير، ولكن من الصعب للغاية تحديد أجود أنواع هذه التمور أو حتى ترتيبها بشكل أو بآخر.
السعودية هي أكبر منتج في العالم للتمر من حيث عدد النخيل وعدد الدول المصدر لها، وكذلك جودة الأنواع، وتكنولوجيا الحصاد والتخزين. فهي تتصدر العالم العربي بـ 1.6 مليون طن سنويًا. أما من حيث الكم فإن مصر هي التي حصلت على مركز الصدارة بفارق بسيط نسبيًا 1.7 مليون طن سنويًا، ولكنها لم تستطيع مسابقة المملكة في تقنية الحفظ وكذا جهود التسويق والتصدير.