هل التمر غني بالعناصر الغذائية المفيدة؟ هذا السؤال يبدو منطقيًا لمن لا يعرف الكثير عن التمر، ولكنه يعرف الكثير عن الطعام الصحي. فعندما يتناول هذا الشخص التمر يشعر بالقلق من حجم السكريات الكثيف الذي فيه، وبالأخص إذا تناول تمر السكري على سبيل المثال (وهو أشهر تمر في الجزيرة العربية ومعروف بحلاوته الشديدة).
فيتساءل: بمثل هذا الكم من السكريات، هل التمر غني بالعناصر الغذائية المفيدة؟ كم سعرة حرارية في حبة التمر الواحدة؟ كم سعرة حرارية في حبة التمر السكري؟ أو ما هو كم السعرات الحرارية في التمر المجدول؟ وغيره من هذه الأسئلة التي تُطرح من شخص ليس على دراية بالتمر، ولكنه على دراية جيدة بالغذاء الصحي وبما ينفع جسمه من الطعام الصحي.
سيكون هذا المقال حصريًا عن العناصر المفيدة التي يضمها التمر في مكوناته، وكيف يستفيد منها الجسم. سنتحدث عن جميع الفيتامينات والمعادن المتواجدة في حبة التمر، ونوضح لك الطريقة التي تحسب بيها كم السعرات الحرارية في حبة التمر الواحدة أيًّا كان نوعها، بدون الوقوع في فخ القياس العشوائي الخاطئ.
عندما تكون من الأشخاص المعتادين على تناول الطعام الصحي، وتمسك في يدك حبة واحدة من التمر، قد تتوقف لحظة لتتساءل: كم سعرة حرارية في هذه الحبة؟ بل كيف يمكن حساب السعرات الحرارية في حبة التمر الواحدة ولا توجد – أساسًا – حبة تمر من نوعٍ ما مشابهة لنوع آخر من التمر؟ هل يوجد مقياس عام لمعرفة كم السعرات الحرارية في حبة التمر الواحدة أيًّا كان نوعها؟
بالتأكيد ..
فعندما تعرف أن كل 100 غرام من التمر تعطيك نحو 280 سعر حراري، فكل ما عليك فعله هو اختيار النوع الذي تحب تناوله من التمر، ووزن ما مقداره 100 غرام. ستجد مثلاً أن 100 غرام من تمر المجدول تعطيك 4 أو 5 حبات. بينما في التمر السكري الملكي تعطيك 8 حبات. وفي الخلاص تعطيك 15 حبة تقريبًا. والآن كل ما عليك فعله هو قسمة عدد السعرات الحرارية (280) على عدد حبات التمر، لمعرفة كم سعر حراري في كل حبة تمر. (280 سعر حرارية لكل 100 غرام ليست مقياسًا ثابتًا. فبعض أنواع التمر تبلغ نسبة السعرات الحرارية في 100 غرام أكثر من 300 سعر حراري. أي أنها تزيد وتنقص قليلاً حسب نوع التمر ودرجة سكريته، ولكنها معدل متوسط مقبول)
لنعد إلى القياس...
ففي حالة المجدول: 280 ÷ 4 = 70 سعر حراري (65 – 70 سعر حراري) للحبة الواحدة
وفي حالة السكري الملكي: 280 ÷ 8 = 35 سعر حراري للحبة الواحدة
وفي حالة الخلاص: 280 ÷ 15 = 18 سعر حراري للحبة الواحدة
قم بتكرار هذه المعادلة البسيطة مع أي نوع من أنواع التمور، وستحصل بدقة عالية على عدد السعرات الحرارية المتواجدة في كل حبة تمر، أيًّا كان نوع هذا التمر.
يقدم كل 100 غرام من التمر القيمة الغذائية التالية:
- 75 غرام من الكربوهيدرات (تحتوي في طياتها على أكثر من 66 غرام من السكر)
- 2 غرام من البروتين
- 0.15 غرام من الدهون
- 7 غرام من الألياف
- قدر كبير من الفيتامينات مثل B3، B6، K، وA. وكل نوع من هذه الفيتامينات له دور بارز في العناية بالجسم كما سنوضح بعد قليل
- قدر معتبر من معادن البوتاسيوم، المغنيسيوم، السيلينيوم، الصوديوم، المنغنيز، الزنك، النحاس، الحديد، والكالسيوم
- أكثر من 20 حمض أميني متنوع بنسب بسيطة للغاية ولكنها فعالة
كما سبق وأوضحنا كيفية معرفة 100 غرام تمر كم سعرة حرارية، فهذه هي أول المعلومات الغذائية عن التمر. هذا العدد يعني قدر كبير من الطاقة يفيد الجسم الذي يحتاج إلى بذل جهد بدني مرتفع. لذلك فالتمر هو الخيار الأول عند بداية اليوم. حيث يمد الجسم بالنشاط اللازم لبدء اليوم بحيوية.
لذلك كانت نصيحة النبي صلى الله عليه وسلم بتناول 7 حبات من التمر صباحًا (من عجوة المدينة تحديدًا) وأنه بهذه الحبات لا يمسك سم ولا سحر. وأشار أيضًا صلى الله عليه وسلم أن البيت الذي ليس به تمر، "جياع أهله" بنص الحديث أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
لذلك فإن تناول التمر في بداية اليوم يعتبر مفتاحًا لنشاط الجسم وحيويته. إذ تكفي السكريات والسعرات الحرارية المتواجدة في حبات التمر الصباحية (3 – 7 حبات) لمد الجسم بقدر معتبر من الطاقة يعينه على بدء اليوم. لذلك فإن أول فائدة لتناول التمر هي:
إذا كنت مشتركًا في أحد الأندية الرياضية Gym فربما سمت يومًا نصيحة من مدربك ينصحك فيها بتناول 3 حبات من التمر قبل بدء تمريناتك الرياضية. ستكون تلك الحبات الثلاث بمثابة وقود كافي لإتمام نشاط رياضي عنيف على مدار 30 أو 45 دقيقة. وحتى في حالة غياب النشاط الرياضي، فهي بمثابة وجبة صباحية خفيفة وصحية تسمح لك ببدء يومك بنشاط.
كذلك إذا شعر الإنسان بالخمول، فإن كمية السكريات المتواجدة في التمر، تنشط الذهن وتُذهب الخمول وتجعل الإنسان أكثر انتباهًا لعمله.
يحتوي التمر على قدر كبير للغاية من معدن البوتاسيوم. ومعه قدر معتبر من معدن المغنيسيوم. ينسجم الاثنان في أداء وظيفة شديدة الأهمية. وهي توسعة الشرايين المغذية للقلب، وتقليل نسبة الكوليسترول الضار LDL.
هذه الوظيفة تعمل بمثابة وقاية طبيعية للقلب من التعرض للجلطات والسكتات الدماغية.
يحتوي التمر على مضادات أكسدة Antioxidants. تعمل مضادات الأكسدة على محاربة الشوارد الحرة Free Radicals التي تصيب الخلايا بالتلف. إذا تعرضت الخلايا للتلف فربما يؤدي ذلك إلى إصابة الإنسان بالأمراض المزمنة والخطيرة، مثل الزهايمر، التهاب المفاصل، أمراض القلب، السرطان، والسكري.
يحتوي التمر كذلك على نسبة كبيرة من الحديد. هذه النسبة سمحت للتمر أن يكون أفضل غذاء للأم الحامل خلال شهور الحمل (وبالأخص في الشهور الأخيرة من الحمل) وكذلك في فترة الرضاعة.
يعمل التمر بما يحويه من حديد على تعويض الجسم عن النقص الحاد في الحديد الذي تتعرض له الأم. ففور أن يبدأ الحمل، يحصل الجنين على كل ما يحتاجه من جسم الأم، وبالأخص من معدن الحديد. عند هذه المرحلة تشعر الأم بالضعف الشديد نتيجة نقص الحديد، وقد تُصاب بالأنيميا. لذلك يكتب لها طبيبها مكملاً غذائيًا من الحديد لتعويض هذا النقص.
فإذا حرصت الأم على تناول قدر معقول من التمر على مدار اليوم (وبالأخص في الصباح على الريق) كان ذلك بمثابة تعويضًا طبيعيًا عن نقص الحديد الذي تعرضت له. بالطبع يجب أن يتم ذلك تحت إشراف طبي.
هل سمعت عن سكر التمر؟
على الرغم من أنه يتم تعبئته في أكياس وعبوات للبيع، ولكن – صدق أو لا تصدق – يتم صناعته كاملاً من التمر بدون أي مواد حافظة. فقط يتم تجفيف التمر تمامًا، وفرمه ليتحول إلى هذه الصورة، ثم يتم استخدامه كسكر بديل عن السكر الصناعي (سكر الطعام الذي هو سكر السكروز المتبلور).
وليس بالضرورة أن تشتري سكر التمر حتى تقوم بتحلية مشروباتك. بل يمكن فعل ذلك باستخدام التمر الجاف في حالته العادية، أو الرطب لو كان ذلك مناسبًا.
يحتوي التمر على فيتامينات B3 وB6 .. وبجانب أهمية هذه الفيتامينات للجهاز العصبي، إلا أن لها دورًا بارزًا في الحفاظ على صحة الشعر والبشرة، فيجعلها تبدو أكثر شبابًا، ويحميها من التجاعيد التي تظهر عليها.
لا عجب إذًا، عندما نرى مستحضرات التجميل بمستخلصات الفاكهة. فهي تسعى للاستفادة إلى أقصى درجة من المحتويات الطبيعية المتواجدة في تلك الفاكهة للعناية بالبشرة، ومنها التمر بالطبع.
تقدم لك 3 حبات 20% من حاجتك اليومية من الألياف. وتتميز الألياف الموجودة في التمر بأنها سريعة التمدد بطيئة الامتصاص. فيحتاج الجسم إلى وقت طويل ليهضمها، وهذا بدوره يعطي مساحة زمنية من الشبع. فلا يشعر من يأكل التمر بالجوع إلا بعد فترة طويلة.
هذا بجانب أن الألياف المتواجدة في التمر تساعد على الهضم، وتمنع الإمساك، وتعزز من صحة الجهاز الهضمي بشكل فعال.
نعم، التمر غني بالعناصر الغذائية المفيدة ولكن يجب التعامل معه بحذر. فطعمه الجذاب يغري بأكل المزيد منه، بكميات كبيرة دون وضع اعتبار لكمية السعرات الضخمة المتواجدة فيه، والتي قد تزيد الوزن بشكل كبير. كذلك لا يجب على مرضى السكر تناول التمر إلا في حدود المسموح به، ومن أنواع معينة. فلا ينبغي على مريض السكر – مثلاً – تناول التمر السكري، ولكن يمكنه تناول 3 حبات يوميًا من تمر الخلاص الخالي من السكروز.